فصل: قال البيضاوي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{هَلْ أَتَاكَ حديث ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ المكرمين} المراد بالاستفهام في مثل هذا التفخيم والتهويل، و{ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ} هم الملائكة الذين جاؤوا ليبشروه بالولد وبإهلاك قوم لوط، ووصفهم بالمكرمين لأنهم مكرمون عند الله، ولأن إبراهيم عليه السلام أكرمهم، لأنه خدمهم بنفسه وعجل لهم الضيافة، والعامل في {إِذْ دَخَلُواْ} على هذا: المكرمين، ويحتمل أن يكون العامل فيه محذوف تقديره: اذكر {فَقالواْ سَلاَمًا} نصب هذا لأنه في معنى الطلب وهو مفعول بفعل مضمر، ورفع الثاني لأنه خبر تقديره: أمري سلام، وهذا على أن يكون السلام بمعنى السلامة، وإن كان بمعنى التحية فإنما رفع الثاني ليدل على إثبات السلام، فيكون قد حياهم بأكثر مما حيوه، وينتصب السلام الأول على هذا على المصدرية تقديره: سلمنا عليك سلامًا، ويرتفع الثاني بالابتداء تقديره: سلام عليكم قوم منكرون أي لم يعرفهم.
{قال أَلاَ تَأْكُلُونَ} يحتمل أن يكون ألا حضًا على الأكل، أو تكون الهمزة للإنكار دخلت على لا النافية.
{فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً} إنما خاف منهم لما لم يأكلوا هو {وَبَشَّرُوهُ بِغُلاَمٍ عَلَيمٍ} هو إسحاق عليه السلام لقوله: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ} [هود: 71].
{فِي صَرَّةٍ} أي صيحة، وذلك قولها: {ياويلتى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ} [هود: 72] وهو من صرّا لقلم وغيره إذا صوَّت، وقيل: معناه في جماعة في النساء {فَصَكَّتْ وَجْهَهَا} أي ضربته حياء منهم وتعجبًا من ولادتها وهي عجوز {وَقالتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ} تقديره: قالت أنا عجوز عقيم فكيف ألد؟ أو تقديره: أتلد عجوز عقيم؟
{قال فَمَا خَطْبُكُمْ} أي ما شأنكم وخبركم، والخطب أكثر ما يقال في الشدائد {قالوا إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إلى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ} يعني قوم سيدنا لوط، وقد ذكرنا الحجارة ومسومة في هود.
{فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ المؤمنين} الضمير المجرور لقرية قوم سيدنا لوط، لأن الكلام يدل عليها وإن لم يتقدم ذكرها، والمراد بالمؤمنين لوط وأهله: أمرهم الله بالخروج من القرية لينجو من العذاب الذي أصاب أهلها، ووصفهم بالمؤمنين وبالمسلمين لأنهم جمعوا الوصفين وقد ذكرنا معنى الإسلام والإيمان في الأحزاب.
{وَفِي موسى} معطوف على قوله: {وَفِي الأرض آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ} [الذاريات: 20] أو على قوله: {وَتَرَكْنَا فِيهَآ آيَةً} {فتولى بِرُكْنِهِ} معنى تولى أعرض عن الإيمان، وركنه سلطانه وقوته {وَقال سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} أي قالوا إن موسى ساحر أو مجنون: فأو للشك أو للتقسيم، وقيل: بمعنى الواو وهذا ضعيف ولا يستقيم هنا {وَهُوَ مُلِيمٌ} أي فعل ما يلام عليه يعني فرعون.
{الريح العقيم} وصفها بالعقم، لأنها لا بركة فيها من إنشاء المطر أو إلقاح الشجر {كالرميم} أي الفاني المنقطع، والعموم هنا يراد به الخصوص فيما أذن للريح أن تهلكه.
{وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُواْ حتى حِينٍ} فيه قولان: أحدهما أن الحين هي الثلاثة الأيام بعد عقرهم الناقة والآخر أن الحين من بعد ما بعث صالح عليه السلام إلى حين هلاكهم، وعلى هذا يكون: فعتوا مترتبًا بعد تمتعهم، وأما على الأول فيكن إخبارًا عن حالهم غير مرتب على ما قبله {فَأَخَذَتْهُمُ الصاعقة} يعني الصيحة التي صاحها جبريل {وَهُمْ يَنظُرُونَ} أي يعاينونها لأنها كانت بالنهار.
{والسماء بَنَيْنَاهَا بِأَييْدٍ} أي بقوة، وانتصاب السماء بفعل مضمر {وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} فيه ثلاثة أقوال: أحدها أن معناه قادرون فهو من الوسع وهو الطاقة، ومنه {عَلَى الموسع قَدَرُهُ} [البقرة: 236] أي القوي على الإنفاق، والآخر جعلنا السماء واسعة، أو جعلنا بينها وبين الأرض سعة، والثالث أوسعنا الأرزاق بمطر السماء {فَنِعْمَ الماهدون} الماهد الموطئ للموضع.
{وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} أي نوعين مختلفين كالليل والنهار، والسواد والبياض، والصحة والمرض وغير ذلك.
{ففروا إِلَى الله} أمر بالرجوع إليه بالتوبة والطاعة وفي اللفظ تحذير وترهيب.
{أَتَوَاصَوْاْ بِهِ} توقيف سؤال وتعجيب أي هم بمثابة من أوصى بعضهم بعضًا أن يقول ذلك.
{فَتَوَلَّ عَنْهُمْ} منسوخ بالسيف {فَمَآ أَنتَ بِمَلُومٍ} أي قد بلغت الرسالة فلا لوم عليك.
{وَمَا خَلَقْتُ الجن والإنس إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} قيل: معناه خلقتهم لكي آمرهم بعبادتي، وقيل ليتذللوا لي: فإن جميع الإنس والجن متذلل {مَآ أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ} أي ما أريد أن يرزقوا أنفسهم ولا غيرهم {وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ} أي لا أريد أن يطعمون، لأني منزه عن الأكل وعن صفات البشر، وأنا غني عن العالمين، وقيل: المعنى ما أريد أن يطعموا عبيدي، فحذف المضاف تجوزًا، وقيل: معناه ما أريد أن ينفعوني لأني غنيّ عنهم، وعبَّر عن النفع العام بالإطعام، والأول أظهر {المتين} أي الشديد القوة.
{فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذَنُوبًا} الذنوب النصيب، ويريد به هنا نصيبًا من العذاب، وأصل الذنوب الدَلْو، والمراد بالذين ظلموا كفار قريش، وبأصحابهم من تقدم من الكفر {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن يَوْمِهِمُ الذي يُوعَدُونَ} يحتمل أن يريد يوم القيامة أو يوم هلاكهم ببدر، والأول أرجح لقوله في المعارج {ذَلِكَ اليوم الذي كَانُواْ يُوعَدُونَ} [المعارج: 44] يعني يوم القيامة. اهـ.

.قال البيضاوي:

سورة الذاريات مكية وآيها ستون آية.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
{والذاريات ذَرْوًا} يعني الرياح تذرو التراب وغيره، أو النساء الولود فإنهن يذرين الأولاد، أو الأسباب التي تذري الخلائق من الملائكة وغيرهم. وقرأ أبو عمرو وحمزة بإدغام التاء في الذال.
{فالحاملات وِقرًا} فالسحب الحاملة للأمطار، أو الرياح الحاملة للسحاب، أو النساء الحوامل، أو أسباب ذلك. وقرىء {وِقرًا} على تسمية المحمول بالمصدر.
{فالجاريات يُسْرًا} فالسفن الجارية في البحر سهلًا، أو الرياح الجارية في مهابها، أو الكواكب التي تجري في منازلها. و{يُسْرًا} صفة مصدر محذوف أي جريًا ذا يسر.
{فالمقسمات أَمْرًا} الملائكة التي تقسم الأمور من الأمطار والأرزاق وغيرها، أو ما يعمهم وغيرهم من أسباب القسمة، أو الريح يقسمن الأمطار بتصريف السحاب، فإن حملت على ذوات مختلفة بالفاء لترتيب الأقسام بها باعتبار ما بينها من التفاوت في الدلالة على كمال القدرة، وإلا فالفاء لترتيب الأفعال إذ الرياح مثلًا تذرو الأبخرة إلى الجو حتى تنعقد سحابًا، فتحمله فتجري به باسطة له إلى حيث أمرت به فتقسم المطر.
{إِنَّمَا تُوعَدُونَ لصادق}.
{وَإِنَّ الدين لَوَاقِعٌ} جواب القسم كأنه استدل باقتداره على هذه الأشياء العجيبة المخالفة لمقتضى الطبيعة على اقتداره على البعث للجزاء الموعود، وما موصولة أو مصدرية و{الدين} الجزاء والواقع الحاصل.
{والسماء ذَاتِ الحبك} ذات الطرائق، والمراد إما الطرائق المحسوسة التي هي مسير الكواكب أو المعقولة التي يسلكها النظار وتتوصل بها إلى المعارف، أو النجوم فإن لها طرائق أو أنها تزينها كما يزين الموشي طرائق الوشي. جمع حبيكة كطريقة وطرق أو حباك كمثال ومثل. وقرىء {الحبك} بالسكون و{الحبك} كالإِبل و{الحبك} كالسلك و{الحبك} كالجبل و{الحبك} كالنعم و{الحبك} كالبرق.
{إِنَّكُمْ لَفِى قول مُّخْتَلِفٍ} في الرسول صلى الله عليه وسلم وهو قولهم تارة أنه {شَاعِرٌ} وتارة أنه {ساحر} وتارة أنه {مَّجْنُونٍ}، أو في القرآن أو القيامة أو أمر الديانة، ولعل النكتة في هذا القسم تشبيه أقوالهم في اختلافها وتنافي أغراضها بطرائق السموات في تباعدها واختلاف غاياتها.
{يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ} يصرف عنه والضمير للرسول أو القرآن أو الإيمان، من صرف إذ لا صرف أشد منه فكأنه لا صرف بالنسة إليه، أو يصرف من صرف في علم الله وقضائه ويجوز أن يكون الضمير لل {قول} على معنى يصدر {أُفِكَ} من أفك عن القول المختلف وبسببه كقوله:
ينهون عن أكل وعن شرب

أي يصدر تناهيهم عنهما وسببهما وقرىء {أُفِكَ} بالفتح أي من أفك الناس وهم قريش كانوا يصدون الناس عن الإِيمان.
{قُتِلَ الخرصون} الكذابون من أصحاب القول المختلف، وأصله الدعاء بالقتل أجري مجرى اللعن.
{الذين هُمْ في غَمْرَةٍ} في جهل يغمرهم.
{ساهون} غافلون عما أمروا به.
{يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدين} أي فيقولون متى يوم الجزاء أي وقوعه، وقرىء {إيَّانَ} بالكسر.
{يَوْمَ هُمْ عَلَى النار يُفْتَنُونَ} يحرقون جواب للسؤال أي يقع {يَوْمَ هُمْ عَلَى النار يُفْتَنُونَ}، أو هو {يَوْمَ هُمْ عَلَى النار يُفْتَنُونَ}، وفتح {يَوْمٍ} لإِضافته إلى غير متمكن ويدل عليه أنه قرىء بالرفع.
{ذُوقُواْ فِتْنَتَكُمْ} أي مقولا لهم هذا القول.
{هذا الذي كُنتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} هذا العذاب هو الذي كنتم به تستعجلون، ويجوز أن يكون هذا بدلًا من {فِتْنَتَكُمْ} و{الذى} صفته.
{إِنَّ المتقين في جنات وَعُيُونٍ ءاخِذِينَ مَا ءاتاهم رَبُّهُمْ} قابلين لما أعطاهم راضين به، ومعناه أن كل ما آتاهم حسن مرضي متلقى بالقبول.
{إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ} قد أحسنوا أعمالهم وهو تعليل لاستحقاقهم ذلك.
{كَانُواْ قَلِيلًا مّن اليل مَا يَهْجَعُونَ} تفسير لإِحسانهم و{مَا} مزيدة أي يهجعون في طائفة من الليل، أو {يَهْجَعُونَ} هجوعًا قليلًا أو مصدرية أو موصولة أي في قليل من الليل هجوعهم، أو ما يهجعون فيه ولا يجوز أن تكون نافية لأن {مَا} بعدها لا يعمل فيما قبلها. وفيه مبالغات لتقليل نومهم واستراحتهم ذكر القليل و{اليل} الذي هو وقت السبات، والهجوع الذي هو الفرار من النوم وزيادة {مَا}.
{وبالأسحار هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} أي أنهم مع قلة هجوعهم وكثرة تهجدهم إذا أسحروا أخذوا في الاستغفار كأنهم أسلفوا في ليلهم الجرائم، وفي بناء الفعل على الضمير إشعارًا بأنهم أحقاء بذلك لوفور علمهم بالله وخشيتهم منه.
{وَفِى أموالهم حَقٌّ} نصيب يستوجبونه على أنفسهم تقربًا إلى الله وإشفاقًا على الناس.
{لَّلسَّائِلِ والمحروم} للمستجدي والمتعفف الذي يظن غنيًا فيحرم الصدقة.
{وَفِى الأرض ءايات لّلْمُوقِنِينَ} أي فيها دلائل من أنواع المعادن والحيوانات، أو وجوه دلالات من الدحو والسكون وارتفاع بعضها عن الماء واختلاف أجزائها في الكيفيات والخواص والمنافع، تدل على وجود الصانع وعلمه وقدرته وإرادته ووحدته وفرط رحمته.
{وَفِى أَنفُسِكُمْ} أي وفي أنفسكم آيات إذ ما في العالم شيء إلا وفي الإِنسان له نظير يدل دلالته مع ما انفرد به من الهيئات النافعة والمناظر البهية والتركيبات العجيبة، والتمكن من الأفعال الغريبة واستنباط الصنائع المختلفة واستجماع الكمالات المتنوعة.
{أَفلاَ تُبْصِرُونَ} تنظرون نظر من يعتبر.
{وَفِى السماء رِزْقُكُمْ} أسباب رزقكم أو تقديره. وقيل المراد ب {السماء} السحاب وبالرزق المطر فإنه سبب الأقوات.
{وَمَا تُوعَدُونَ} من الثواب لأن الجنة فوق السماء السابعة، أو لأن الأعمال وثوابها مكتوبة مقدرة في السماء. وقيل إنه مستأنف خبره:
{فَوَرَبّ السماء والأرض إِنَّهُ لَحَقٌّ} وعلى هذا فالضمير ل {مَا} وعلى الأول يحتمل أن يكون له ولما ذكر من أمر الآيات والرزق والوعد.
{مّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ} أي مثل نطقكم كما أنه لا شك لكم في أنكم تنطقون ينبغي أن لا تشكوا في تحقق ذلك، ونصبه على الحال من المستكن في لحق أو الوصف لمصدر محذوف أي أنه لحق حقًا مثل نطقكم. وقيل إنه مبني على الفتح لإضافته إلى غير متمكن وهو ما إن كانت بمعنى شيء، وإن بما في حيزها إن جعلت زائدة ومحله الرفع على أنه صفة {لَحَقُّ}، ويؤيده قراءة حمزة والكسائي وأبي بكر بالرفع.
{هَلْ أَتَاكَ حديث ضَيْفِ إبراهيم} فيه تفخيم لشأن الحديث وتنبيه على أنه أوحي إليه، والضيف في الأصل مصدر ولذلك يطلق على الواحد والمتعدد. قيل كانوا إثني عشر ملكًا. وقيل ثلاثة جبريل وميكائيل وإسرافيل، وسماهم ضيفًا لأنهم كانوا في صورة الضيف.
{المكرمين} أي مكرمين عند الله أو عند إبراهيم إذ خدمهم بنفسه وزوجته.
{إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ} ظرف لل {حديث} أو ال {ضَيْفِ} أو {المكرمين}.
{فَقالواْ سَلامًا} أي نسلم عليك سلامًا.
{قال سلام} أي عليكم سلام عدل به إلى الرفع بالابتداء لقصد الثبات حتى تكون تحيته أحسن من تحيتهم، وقرئا مرفوعين وقرأ حمزة والكسائي {قال سلم} وقرىء منصوبًا والمعنى واحد.
{قَوْمٌ مُّنكَرُونَ} أي أنتم قوم منكرون، وإنما أنكرهم لأنه ظن أنهم بنو آدم ولم يعرفهم، أو لأن السلام لم يكن تحيتهم فإنه علم الإِسلام وهو كالتعرف عنهم.
{فَرَاغَ إلى أَهْلِهِ} فذهب إليهم في خفية من ضيفه فإن من أدب المضيف أن يبادر بالقرى حذرًا من أن يكفه الضيف أو يصير منتظرًا.
{فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ} لأنه كان عامة ماله البقر.
{فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ} بأن وضعه بين أيديهم.
{قال أَلاَ تَأْكُلُونَ} أي منه، وهو مشعر بكونه حنيذا، والهمزة فيه للعرض والحث على الأكل على طريقة الأدب أن قاله أول ما وضعه، وللإِنكار إن قاله حينما رأى إعراضهم.
{فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً} فأضمر منهم خوفًا لما رأى إعراضهم عن طعامه لظنه أنهم جاؤوه لشر. وقيل وقع في نفسه أنهم ملائكة أرسلوا للعذاب.
{قالواْ لاَ تَخَفْ} إنا رسل الله. قيل مسح جبريل العجل بجناحه فقام يدرج حتى لحق بأمه فعرفهم وأمن منهم.
{وَبَشَّرُوهُ بغلام} هو اسحاق عليه السلام.
{عَلِيمٌ} يكمل علمه إذ بلغ.
{فَأَقْبَلَتِ امرأته} سارة إلى بيتها وكانت في زاوية تنظر إليهم.
{فِى صَرَّةٍ} في صيحة من الصرير، ومحله النصب على الحال أو المفعول إن أول فأقبلت بأخذت.
{فَصَكَّتْ وَجْهَهَا} فلطمت بأطراف الأصابع جبهتها فعل المتعجب. وقيل وجدت حرارة دم الحيض فلطمت وجهها من الحياء.
{وَقالتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ} أي أنا عجوز عاقر فكيف ألد.
{قالواْ كَذَلِكِ} مثل ذلك الذي بشرنا به.
{قال رَبُّكِ} وإنما نخبرك به عنه.
{إِنَّهُ هُوَ الحكيم العليم} فيكون قوله حقًا وفعله محكمًا.
{قال فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا المرسلون} لما علم أنهم ملائكة وأنهم لا ينزلون مجتمعين إلا لأمر عظيم سأل عنه.
{قالواْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إلى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ} يعنون قوم لوط.